الشكوى من الأبناء فضفضة أم فضيحة

أ. سحر جميل

مسؤول الإرشاد التربوي مدارس الأقصى باشاك شهير

مواقف كثيرة مرت علي في حياتي تعلمت منها درسا مهما  

 ألاّ أذم في أولادي أمام الآخرين  

لأنه بتجاربي الشخصية ومشاهداتي ومتابعتي لهذا الأمر وجدته سببا مباشرا أو غير مباشر في كثير من ردود الأفعال والتي تعود بالسلب على الأبناء

دعونا نتفق في البداية أنه ليس هناك شخص معصوم ..ونحن بشر جبلنا على الوقوع في الخطأ

وإذا كنا نحن كآباء وأمهات نقع في الاخطاء ..فلماذا نعتب على أولادنا ذلك  

أعلم يقينا ما يدور في أذهانكم حاليا ..فأبناء اليوم تكثر منهم المشاكل وسوء الأخلاق ومتعبين في تربيتهم ..

ولكن السؤال هنا ..

ماذا ستفيد الشكوى منهم لكل أحد ولكل شخص  

وربما السؤال الأهم هنا …لماذا الشكوى من الأساس

إذا كانت الشكوى للبحث عن حلول لمشكلة تواجهينها مع طفلك ..فليس مكانها صديقاتك المقربات او جلسة عائلية تفضحين فيها ابنك او ابنتك على الملأ

إذا عندك مشكلة فاختاري من تتوسمين فيها الخير والحكمة والعقل  ..

من تعرفين أن لها من الخبرة ما يعينك على مواجهة هذه المشكلة وحلها بحيادية بعيدا عن الأهواء والعواطف

أما إذا كانت الشكوى لمجرد الفضفضة وإخراج مكنونات النفس والتنفيس عن غضبك من اطفالك ..فاسمحي لي أن أخبرك بأمر مهم جدا …

أنت بالفعل تدمرين طفلك  

سواء كانت الشكوى بغير وجوده أو بوجوده وهي أعظم .

كيف ذلك !!

تشتكين طفلك لمن حولك وخاصة مجتمع الأهل والأصدقاء والمحيطين به _في عدم وجوده _عندما تنتهين من الشكوى وتشعرين بالراحة …تظنين أن الأمر  انتهى عند هذا الحد ..ولا تعلمين انه وإن كنت انت على المدى القريب أو البعيد ستنسي أفعاله باعتباره ابنك الحبيب  ..

إلا أن المحيطين بك _وأقولها لك وبكل صراحة _مع الأسف لن ينسوا كلامك ولن يتعاملوا معه بنفس الأريحية ..

وإنما مع كل موقف او حدث سيتذكرون كلامك عنه ..وكيف أنه طفل سيء ومتوقع منه كذا وكذا ..فتبدأ نظرتهم له تتغير  

والمشكلة الكبيرة بعدها انهم سيتعاملون معه بعد ذلك على خلفية شكواك منه .. وحتى لو تغير وتحسنت أخلاقه سيظل غالبا الانطباع السيء الذي اخذوه عنه هو المسيطر ..

واستعدي للأسوء …

سيغدو طفلك _في كثير من الأحيان _ فاكهة المجالس يتسلون بالحديث عنه وعن سوء أخلاقه وانعدام أدبه ..وتصبح فضفضتك الصغيرة سببا في تشويه سمعته ووسمه بأسوأ الصفات ..والمؤكد حينها أن يتم معاملته سواء بقصد أو بغير قصد بغير احترام وهو ما سينعكس مؤكدا على نفسية طفلك

خطأ واحد تنشريه عن طفلك في وقت الفضفضة سيظل يلازمه إلى ما شاء الله

أما إذا حدثت تلك الشكوى في وجوده فزيادة على كل ما سبق سيشعر طفلك بالدونية ..وانعدام لتقدير الذات ..وسيحاول أن يلفت انتباهك اكثر بطريقته الطفولية عن طريق زيادة سوء أدبه ورفض الأوامر والتمرد والعناد .

ونظل في دائرة مفرغة ..هو يتمرد وأنت تشتكين فيزيد تمرده فتزداد شكواك ..وهكذا إلى مالا نهاية.

عزيزتي الأم ..صدقيني شكواك لن تفيد بشيء ..إذا أردت حلولا فابحثي عن أهل الاختصاص والحكمة ..فهم لن يفضحوا طفلك وسيساعدونك على حل المشكلة  ولن يحكموا عليه لأنهم يعرفون أنه طفل ويحق له الخطأ ..يعلمون أنه في مرحلة التعليم والتكوين …

لا تجعلي أبناءك مضغة على ألسنة كل من هب ودب ..

احفظي سوأتهم ..وكوني لهم سترا.

ونصيحة ..استبدلي الذم بالمدح

اقتنصي أي فعل صغير جميل يفعله وامدحيه وانشريه في محيطك ..و مع الوقت ستتغير نظرة من حوله له ..وستتغير نظرته لنفسه وتحسن اخلاقه ..

ارفعي من قيمة ابنك ليرتفع في نظر الناس  احترميه ليحترمه الناس ؛ قدريه ليقدره الناس

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *