ضياع قلم الرصاص في موقفين

أ. سحر جميل

مسؤول الإرشاد التربوي مدارس الأقصى باشاك شهير

الأول ..

قال أحد اللصوص:

كنت في الصف الرابع الابتدائي ،

وذات يوم رجعت من المدرسة وقد ضاع قلمي الرصاص،

وعندما علمت أمي بالخبر ضربتني بانتقام!!!

وشتمتني بأبشع الشتائم، ووصفتني بالعبط وعدم تحمل المسؤولية وغيرها، ونتيجة لقسوة أمي الزائدة عن الحد قررت ألا أعود لأمي فارغ اليدين..

لقد قررت أن أسرق أقلام زملائي!!!

وفي اليوم التالي نفذت الخطة!!

ولم أكتفِ بعد ذلك  بسرقة قلم أو قلمين بل سرقت جميع زملائي في الفصل،

فى بادئ الأمر كنت أسرق خائفاً و شيئاً فشيئاً تشجعت ولم يعد للخوف في قلبي مكان..

وبعد شهر كامل لم يعد للأمر تلك اللذة الأولى..

فقررت أن أنطلق نحو الفصول المجاورة، ومن فصل إلى آخر انتهى بي المطاف إلى سرقة حجرة مدير المدرسة.

وذلك العام كان عام التدريب الميداني..

تعلمت فيه السرقة نظرياً وعملياً،

ثم انطلقت بعد ذلك وصرت محترفا…

  • الثاني ..

قالت احدى الأمهات:

عندما كان ابني في الصف الثاني الابتدائي رجع يوما من المدرسة وقد ضاع قلمه الرصاص!!!

فقالت له بماذا كتبت؟

فقال: أخذت قلما من زميلي ،

فقالت له:

تصرُّف جيد ولكن ماذا كسب زميلك عندما أعطاك قلما لتكتب به؟

هل أخذ منك طعاماً أو شراباً أو مالاً ؟

قال: لا، لم يفعل.

فقالت له:

إذن لقد ربح الكثير من الحسنات يا بني،

لماذا يكون هو أذكى منك ؟

لمَ لا تكسب الحسنات أنت أيضا ؟

قال: وكيف ذلك ؟

فقالت: سنشتري لك قلمين،

قلما تكتب به، والقلم الآخر نسميه قلم الحسنات!!!

وهذا لأنك ستعطيه لمن نسي قلمه أو ضاع منه، وتأخذه بعدما تنتهى الحصة…

وكم فرح ابني بتلك الفكرة،

وزادت سعادته بعدما طبقها عملياً،

لدرجة أنه أصبح يحمل في حقيبته قلما يكتب به، وستة أقلام للحسنات.

والعجيب في الأمر أن ابني هذا كان يكره المدرسة ومستواه الدراسي ضعيف!!!

وبعد أن جربت معه الفكرة…

فوجئت بأنه بدأ يحب المدرسة!!!

وهذا لأنه أصبح نجم الفصل في شيء ما ، فكل المعلمين أصبحوا يعرفونه وزملاؤه يقصدونه في الأزمات،

كل واحدٍ قلمه ضائع يأخذ منه واحداً،

وكل معلم يكتشف أن أحدهم لا يكتب لأن قلمه ليس معه فيقول أين فلان صاحب الأقلام الاحتياطية!!!

ونتيجة لأن ابني أحب الدراسة،

بدأ مستواه الدراسي يتحسن شيئاً فشيئاً.

والجميل أنه اليوم قد تخرج من الجامعة وتزوج ورزقه الله بالأولاد، ولم ينس يوما قلم الحسنات!!!

وهو اليوم مسؤول عن أكبر جمعية خيرية في مدينتنا…

وأياً كان عمله وفي أي مجال سيبقى ذاك المبادر المعطاء الذي يبحث عن الحسنات ويغرس حب الخير في نفوس أبنائه وأبناء مجتمعه أينما كان .

  • فلنحذر في تربيتنا لأبنائنا، ولنعاملهم بالرحمة في معالجة أخطائهم ، ولنستثمر المواقف الحياتية والأحداث اليومية بتعزيز الإيجابية فيها . وتحويل السلبية منها إلى مواقف تربوية ثمينة …وقيم أخلاقية راقية .

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *